في ليلة ظلماء من ليالي هذا الشتاء البائس وفي ساعة من سويعات ليله الداكن العابس فجع الزمان وفجعت الآكام وفجع جميع أبناء قبائل الحساب بمحافظة هروب بخبر نعي علم من أعلام منطقة جازان النبلاء وأستاذ ومربي أريب فاضل من خيرة أبنائها النجباء الا وهو فقيدنا الغالي سعادة الأستاذ والمربي العزيز سالم بن حسن المجهلي – رحمه الله – الذي اختاره المولى عز وجل إلى جواره الكريم.
وحقيقة أعزائي وأحبائي القراء الأفاضل أن الكلمات تغص في حلقي والله وسائل حبري يغيض في قلمي عند الكتابة عن رثاء قامة باسقة وشخصية بارزة مثل قامة وشخص ابا عبد الرحمن – رحمه الله – ولا أدري هل أعزي أسرته وذويه في فقده أم هل أعزي نفسي فيه؟.
فمع علمي ويقيني وإيماني الراسخ بأن الموت هو النهاية الحتمية لكل كائن في هذا الكون الفسيح وأن الموت هو ذلك الغائب الذي لابد من لقائه في يوم من الأيام وهو ذلك السفر الذي لا عودة منه والفراق الذي لا لقاء بعده في هذه الدار الفانية ومع ايماني التام بأن قضاء الله لا يرده راد وقدرته سبحانه لا يحدها حاد إلا أنه ومع كل ذلك الإيمان لم يمنعني من ذلك الشعور بعظم الفاجعة وقوة الصدمة وبلاغة الجرح وتشقق القلب ألما ووجعا وحزنا لهول المصاب الجلل الذي عايشته وعايشه الجميع بفقد الأخ الحبيب والأستاذ الأريب أبوعبد الرحمن – رحمه الله – ففقد من نحب بفاجعة الموت من أشد الفواجع ألما وأعظمها وجعا وإدمائا للقلب وبمقدار مكانة الغائب في نفوسنا يتسع ويزداد عمق الجرح وألمه.
فيا لهول الفجيعة فيك ابا عبد الرحمن ويالهول الصدمة التي عايشناها في فقدك يا فارسا للخير وللعطاء وللحب قد ترجل عن صهوة جواده للمرة الأخيرة وبغير رجعه ولا راد لقضاء الله وقدره.
فقد خبرنا الفقيد وعرفناه – رحمه الله – ذو شخصية رزينه مرحة المحيا محبا للخير بكل اصنافه محبا للداعبه باسم الثغر ودائمة محبا للجميع ومحبوبا من الجميع متواضعا دمث الأخلاق جالبا للسعادة لكل من جالسه وعاشره قدوة خير صالحة للجميع فقد اجتمعت في المرحوم – بإذن الله – جميع الصفات الحميدة والخصال الفريدة.
وغياب مثل هذا الإنسان الفريد والنادر من نوعه أحدث فراغا كبيرا لدى الجميع من الصعوبة بمكان أن يسد ذلك الفراغ فهيهات هيهات أن يجود الزمان علينا بمثله إن الزمان بمثل أبي عبدالرحمن لشحيح.
ولعمري إن مفارقة ابو عبد الرحمن بالموت لهو الموت لنا ونحن أحياء لعلمنا اليقين أنه رحل عنا وعن مجالسنا فارس الأخلاق والوجه البشوش تاركا إيانا مع أشجان ولوعات الحزن على فراقه تلك الأشجان والوعات التي تقتلنا وتدمي سويداء قلوبنا ، رحل مصدر البسمه والسعادة لنا وخلفنا خلفه مكتفين بالنظر إلى صورة لنسترجع من خلالها أجمل الذكريات وأسعد اللحظات التي جمعتنا به على دروب الخير والعلم الطيب في هذه الدنيا الفانية . فقد غربت شمس فقيدنا عن سمائنا وأصبح الكون الفسيح في غروب شمسه بالنسبة لنا ظلام لجي دامي بلا ألوان أو ملامح أو رائحة فلم نعد نرى سوى صور وجهه الحبيب في حالات الواتساب التي يتناقلها فاقديه ومحبيه ، ولم نعد نسمع سوى صدى أنين الذكريات لصوته الشجي الجميل فبوداع رجل كريم أشم مثله إلى مثواه الأخير أصبح كل شيء بالنسبة لنا بطيئا ثقيلا وأصبحت عقارب الزمان بعد فقده حارقة لقلوبنا ومؤلمة.
(
(
2 pings