لا تزال مظاهر التخلف في مجتمعنا وأمتنا رغم التطور السريع والتغيير الواضح في كل المجالات وفي تفكيرنا ووجهات نظرنا موجودة، ومن ضمنها أزمة المرأة وتخلف نظرة المجتمع لها.
لا زلت أحلم مجرد حلم -حلم يقوده العمل ويعززه العلم- ولست أدّعي أننا سنصلح الأمة من خلال زاوية في صحيفة أو كتاب أو محاضرة.
فالمرأة تؤثر بشكل كبير في المجتمع، وهي البنية الأساسية لتقدم المجتمع، لأنها مربية الأجيال. وقد برعت المرأة في الكثير من المجالات ونافست أيضًا الرجال، وأثبتت انه لا يمكن وصف المرأة بالضعف وقلة الذكاء، فقد وصلت إلى الرئاسة وهناك من برعنا في مجالات مختلفة ومهمة.
نظرة المجتمع لها
أزمة قديمة لا يمكننا أن ندّعي أن أزمة المرأة أو تخلف نظرة المجتمع لها هي أزمة جديدة أو أنها مختصة بأمتنا العربية والإسلامية، فهي منذ الجاهلية وهي تعامل بدونية وتُهضم حقوقها، ثم جاء الإسلام ليقْر لها حقوقها ويجعلها بجانب الرجل في الواجبات والحقوق، إلا في نزر يسير من الأحكام التي راعى فيها الإسلام الاختلاف في طبيعة كل منهما.
ثم تراجعت نظرة المجتمع لها في عصور الانحطاط والضعف حينما بعد المسلمون عن كتاب الله وشرعه.
وقديمًا كان أغلب دور النساء -وهو دورٌ سامٍ في نظري- مُقتصرًا على البيت وتربية الأبناء، أمَّا الرجل فكان يرى في نفسه القوامة، ويرى في زوجتِه الضعف والقوة معًا في آن واحدٍ، فقوتها ناشئة من حملها بيتها على عاتقها، ومساعدتها له دون إثقال عليه، وضعفُها ناشئٌ من احتياجها الدائم له. هذا كان قديمًا. أمَّا حديثًا فقد تغير الوضع كثيرًا، وأصبح تفكير كل من الرجل والمرأة بشكل مختلف، إذ اتسعت الفجوة، وتغيرت النظرة، وأصبحت المرأة تنظر إلى الرجل على أنه سالب حريتها، بالرغم من أنها انتصرت عليه بعض الشيء في نظر المرأة العصرية عندما تحررت، وخرجت إلى العمل، ومارست الكثير من الحقوق التي كانت محرومة منها، وبالرغم من ذلك كله فأنها ما زالت غير راضية، في حين أن الرجل في مقابلها بدأ يشعر بالندية في التعامل، وأصبح ينظر لها نظرة يشوبها القلق، والبعد، والصراعات المتداخلة، هذا من جانب، ومن جانب آخر نظرة تقصير في حق بيتها وحقه. فقد كفل الإسلام حقوق المرأة، وخاطب الله سبحانه وتعالى المرأة في كتابة الكريم بمثل ما خاطب الرجل، وساوى بينهما مـن حيث القيمة الإنسـانية والروحية.
كما ساوى بينهما فى العقيدة حيث لا فرق فى أداء الأعمال الصالحة وكذلك العبادات، الجزاء واحد عن العمل الصالح وغير الصالح.
كذلك ساوى الإسلام بين المرأة والرجل فى القوانين المدنية والجنائية فكل منهما محفوظ النفس والعرض والمال إلا بالقانون.
واعترف الإسلام بحق المرأة فى التعليم، فنص على أن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة سواء أن كانت علوم دينية ودنيوية.
كما أجاز لها الدين الإسلامى العمل فى القطاعات المختلفة.
وأخيرًا فإن الإسلام لم ينظر للمرأة بدونية، بل كفل لها كامل الحرية والمساواة وأعطاها حقوقها كاملة لكن المجتمع هو من سلبها حقوقها بحجة القوامة ونظرتة المتخلفة لها.