فتبينوا
يقول الله في محكم التنزيل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) يعلمنا الله في هذه الآية الكريمة ويأمرنا بالتحقق والتأكد من أي خبر قبل نشره تجنبا لسوء الظن ولما في بث ونشر مثل هذه الأخبار دون التأكد من صحتها أذى للمقصود أو لأهله أو لمدينته أو لأشيء كان وفي الحديث (المسلم من سلِم المسلمون من لسانه ويده) تجنبًا لأذى المسلم أو نقل ما يسىء إليه وقال سبحانه (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ) قال ابن كثير في هذا إنكارٌ على مَن يبادر إلى الأمور قبل تحقيقها، فيخبر بها ويغشيها وينشرها، وقد لا يكون لها صحة.
وقال الله سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا) قال البقاعي في تفسير ذلك بأن اطلبوا التأني في بيان الأمور والثبات في تلبسها والتوقف الشديد عند منالها وذلك بتمييز بعضها من بعض وإنكشاف لبسها غاية الإنكشاف ولا تقدموا الا على ما بان لكم (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) لاتقولوا قولاً فضلاً عما هو أعلى منه لمن (ألقى) كائنًا من كان وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس أنه كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون فقال السلام عليكم فقتلوه بسوء ظنهم أنه كافر وأخذوا غنمه فأنزل الله سبحانه هذه الآيات.
وقال سبحانه وتعالى (كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) ابن عاشور ذكر في تفسير هذه الآية أن هذه تربية عظيمة وهي أن يستشعر الإنسان عند مؤاخذته غيره أحوالاً هو كان عليها تساوي أحوال من يؤاخذه بمعنى ( ضع نفسك مكانه) يحث الله سبحانه وتعالى ويكرر الآيات التي تدعوا للتثبت والتأكد من حقيقة الأمر قبل نشره وهو منهج يحبه الله تعالى تجنباً لأذى المسلم وفي الحديث (لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) والشائعات هي نقل أخبار دون معرفة صحتها ولها دورٌ خطير في زعزعة أمن الناس واستقرارهم؛ فهي تثير القلاقل والفتن، التي تفرِّق بين المسلمين، وتوقد نار الشحناء والبغضاء بينهم،فتقلب الأمور، وتبدِّل الأحوال، والسبب أن الناس يظنون أن هذا الأمر هين، ولكنه عند الله عظيم.
( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمْ) وفي الحديث (كفي بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع) وفي هذا تحذير من الرسول صلى الله عليه وسلم من العجلة وعدم التبين في نقل الأخبار فيجب عليك أخي المسلم التثبت والتريث والتبين في الأمور حتى لاتعتدي على مسلم بريء دون حقٍ وأن تحسن الظن بإخوانك كما أمرنا ربنا سبحانه وتعالى حتى لاتكون من النادمين .
بقلم: علي دلاك
لا يوجد وسوم
0
3213
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.nazahaa.com/articles/158299/