يا شماتة الشامتين!
في أول يوم دراسي بعد العودة من إجازة الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي ١٤٤٢/١٤٤١هـ، تبادل مستخدمو واتساب في كثير من القروبات الخبر التالي: (عاجل.. إعفاء ٣٢ مشرفًا ومشرفة بتعليم صبيا)، ولا أدري أي جهة إعلامية نشرته أو سربته!
وتعالت الضحكات والطقطقة والسخرية والاستهزاء بهؤلاء المشرفين والمشرفات الذين خدموا وطنهم في هذا المجال. وقد لا يعلم الكثيرون أن تكليف المشرف التربوي هو عام واحد ثم يجدد التكليف أو ينتهي. وهناك فرق بين انتهاء التكليف والإعفاء. ونعلم أن التكليف يكون سنويًا وكل سنتين، وكل أربع سنوات، والمشرف والمشرفة يجدد التكليف لهم مع بداية كل عام دراسي، ومن اكتسب خبرة يُحافظ عليه، ويحدث التكليف للمشرفين التربويين كل عام دراسي وبناءً على ما أنجز المشرف وما قدم من أعمال.
كل من يعمل في التعليم يحمل مسمى “معلم” سواء كان مشرفًا أو مديرًا للتعليم أو وكيلًا في الوزارة أو حتى وزير، وكذلك جميع الموجودين في كل المؤسسات التربوية والصحية والاجتماعية والعسكرية والأمنية والجامعية والإعلامية والقضاء وكتاب العدل، والهندسة المعمارية والمكانيكا وغيرها هم تخرجوا من المدارس.
اذكر شخصًا في هذه المؤسسات كلها لم يدخل المدرسة! اللهم إلا جاهلًا أميًا لا يمكنه أن يقرأ أو يكتب، وساعده الحظ وعمل في إحدى المؤسسات كعامل نظافة وغير ذلك. لكن لهم مكانتهم وتأثيرهم في المجتمع ونحتاج لهم في أوقات كثيرة أكثر من احتياجنا للطبيب.
أعود للمشرفين التربويين والمشرفات الذين أصبح بعض مستخدمي واتساب يتسلون عليهم ويضحكون ويطقطقون، فبعضهم طلب التقاعد المبكر أو أحيل للتقاعد نظامًا وكان له هذا.
وفِي سنوات ماضية كثيرة كان التقاعد يبدأ في يوم ٧/١ من كل عام هجري وتنتهي علاقة المعلم أو المشرف بعمله، وهناك من يقام له حفل تكريم والبعض لا، لكن هذا العام والعام الذي قبله أصبح تاريخ انتهاء العمل في يوم ١٢/٤ من كل عام هجري.
لذلك يكمل المشرفون التربويون والمشرفات أعمالهم سواء يتبعون مكاتب التعليم أو إدارة التعليم، ولَم نسمع أن أي مشرف تربوي أو مشرفة تربوية طلب التقاعد المبكر أو تقاعد نظامًا أُنهي تكليفه وأعيد معلمًا في المدرسة يراجع شؤون المعلمين لكي يستلم خطاب مباشرته ويذهب لمدرسته كأول يوم عُين فيه معلمًا، وأخذ خطاب مباشرته وذهب والخوف والقلق يسايره ويوسوس لنفسه هل أنجح كمعلم مرة ثانية أم أكون عالة ومثار ضحك عند طلابي الذين درستهم في يوم ما ثم أصبحوا معلمين في هذه المدرسة؟!
وهذه السنة التي سنت هذا العام الدراسي (كما بدأتم تعودون) لها تأثير سلبي كبير على نفسية هؤلاء المشرفين والمشرفات، فليس هذا جزاء خدمتهم. أما المشرفون الذين انتهى تكليفهم فلا عليهم، فقد يعودون في يوم ما إلى الإشراف التربوي.
ومن هذا المنطلق فإن كثير من المشرفين والمشرفات الذين بقوا مشرفين ومشرفات هذا العام أظنهم يسألون أنفسهم: هل لو طلبنا التقاعد المبكر أو تقاعدنا نظامًا سنعامل هكذا ونعود للمدارس؟
كلها ثلاثة أشهر ويغادر هذا المتقاعد الحياة العملية برمتها، وستمضي ويصبح حرًا طليقًا متذكرًا بقية حياته أنه بعد ثلاثين سنة مشرفًا تربويًا أعيد تعيينه معلم في عام التعليم فيه عن بعد، ولم يسجل فيه نقص معلمين في المدارس مما يشكل قلقًا وخوفًا على مهنة التعليم.
قيل إن ملكًا قال لحكيم: أعطني شيئًا إن ذكرته وأنا فرحان أحزن وإن ذكرته وأنا حزين أفرح، فكتب له الحكيم : (هذا الوقت سيمضي).. نعم هذا الوقت سيمضي ولن يظل صامدًا أمام الأيام والشهور والسنوات.
بقلم: د. ضيف الله مهدي
لا يوجد وسوم
0
6721
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.nazahaa.com/articles/156345/